فصل: تفسير الآية رقم (121):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الدر المنثور في التفسير بالمأثور (نسخة منقحة)



.تفسير الآيات (118- 120):

{فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ بِآَيَاتِهِ مُؤْمِنِينَ (118) وَمَا لَكُمْ أَلَّا تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ وَإِنَّ كَثِيرًا لَيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ (119) وَذَرُوا ظَاهِرَ الْإِثْمِ وَبَاطِنَهُ إِنَّ الَّذِينَ يَكْسِبُونَ الْإِثْمَ سَيُجْزَوْنَ بِمَا كَانُوا يَقْتَرِفُونَ (120)}
أخرج أبو داود والترمذي وحسنه والبزار وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه عن ابن عباس قال: جاءت اليهود إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: أنأكل مما قتلنا ولا نأكل مما يقتل الله؟ فأنزل الله: {فكلوا مما ذكر اسم الله عليه إن كنتم بآياته مؤمنين} إلى قوله: {وإن أطعتموهم إنكم لمشركون}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله: {فكلوا مما ذكر اسم الله عليه} فإنه حلال {إن كنتم بآياته مؤمنين} يعني بالقرآن مصدقين {وما لكم ألا تأكلوا مما ذكر اسم الله عليه} يعني الذبائح {وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه} يعني ما حرم عليكم من الميتة {وإن كثيراً} من مشركي العرب {ليضلون بأهوائهم بغير علم} يعني في أمر الذبائح وغيره {إن ربك هو أعلم بالمعتدين}.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في قوله: {وقد فصل لكم} يقول: بين لكم {ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه} أي من الميتة والدم ولحم الخنزير.
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ {وقد فصل لكم} مثقلة بنصب الفاء {ما حرم عليكم} برفع الحاء وكسر الراء {وإن كثيراً ليضلون} برفع الياء.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس {وذروا ظاهر الإثم} قال: هو نكاح الأمهات والبنات {وباطنه} قال: هو الزنا.
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله: {وذروا ظاهر الإثم وباطنه} قال: الظاهر منه {لا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء} [ النساء: 22] و {حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم} [ النساء: 23] الآية، والباطن الزنا.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {وذروا ظاهر الإثم وباطنه} قال: علانيته وسره.
وأخرج ابن المنذر وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله: {وذروا ظاهر الإثم وباطنه} قال: ما يحدث به الإنسان نفسه مما هو عامله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع بن أنس في قوله: {وذروا ظاهر الإثم وباطنه} قال: نهى الله عن ظاهر الاثم وباطنه أن يعمل به.

.تفسير الآية رقم (121):

{وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ (121)}
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وأبو داود وابن ماجة وابن المنذر وابن أبي حاتم والنحاس وأبو الشيخ وابن مردويه والطبراني والحاكم وصححه والبيهقي في سننه عن ابن عباس قال: المشركون. وفي لفظ قالت اليهود: لا تأكلون مما قتل الله وتأكلون مما قتلتم أنتم، فأنزل الله: {ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه}.
وأخرج عبد بن حميد وأبو الشيخ عن الضحاك قال: قال المشركون لأصحاب محمد: هذا الذي تذبحون أنتم تأكلونه، فهذا الذي يموت من قتله؟ قالوا: الله... قالوا: فما قتل الله تحرمونه وما قتلتم أنتم تحلونه؟ فأنزل الله: {ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم عليه وإنه لفسق}. الآية.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ والطبراني وابن مردويه عن ابن عباس قال: لما نزلت {ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه} أرسلت فارس إلى قريش أن خاصموا محمداً. فقالوا له: ما تذبح أنت بيدك بسكين فهو حلال، وما ذبح الله بمسمار من ذهب يعني الميته فهو حرام، فنزلت هذه الآية {وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم} قال: الشياطين من فارس وأوليائهم من قريش.
وأخرج أبو داود في ناسخه عن عكرمة «أن المشركين ليجادلوكم» قال: الشياطين من فارس وأولياؤهم قريش.
وأخرج أبو داود في ناسخه عن عكرمة أن المشركين دخلوا على نبي الله صلى الله عليه وسلم قالوا: أخبرنا عن الشاة إذا ماتت من قتلها؟ قال: الله قتلها. قالوا: فتزعم أن ما قَتَلْتَ أنت وأصحابك حلال، وما قتله الله حرام؟ فأنزل الله: {ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه}.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه عن ابن عباس {ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه} يعني الميتة.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس قال: يوحي الشياطين إلى أوليائهم من المشركين أن يقولوا تأكلون ما قتلتم ولا تأكلون ما قتل الله؟ فقال: إن الذي قتلتم يذكر اسم الله عليه، وإن الذي مات لم يذكر اسم الله عليه.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس قال قالوا: يا محمد أما ما قتلتم وذبحتم فتأكلونه، وأما ما قتل ربكم فتحرمونه؟ فأنزل الله: {ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه وإنه لفسق وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم وإن أطعتموهم} في كل ما نهيتكم عن أنكم إذاً لمشركون.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وأبو الشيخ عن قتادة قال: عمد عدو الله إبليس إلى أوليائه من أهل الضلالة فقال لهم: خاصموا أصحاب محمد في الميتة فقولوا: أما ما ذبحتم وقتلتم فتأكلون، وأما ما قتل الله فلا تأكلون، وأنتم زعمتم أنكم تتبعون أمر الله؟ فأنزل الله: {وإن أطعتموهم إنكم لمشركون} وأنا والله ما نعلمه كان شركاً قط إلا في إحدى ثلاث: أن يدعى مع الله إلهاً آخر، أو يسجد لغير الله، أو تسمى الذبائح لغير الله.
وأخرج ابن المنذر وأبو الشيخ من طريق ابن جريج عن ابن عباس في قوله: {وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم} قال: إبليس أوحى إلى مشركي قريش.
وأخرج سعيد بن منصور وعبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن ابن عباس قال: من ذبح فنسي أن يسمي فليذكر اسم الله عليه وليأكل ولا يدعه للشيطان إذا ذبح على الفطرة، فإن اسم الله في قلب كل مسلم.
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن أبي مالك. في الرجل يذبح وينسى أن يسمي قال: لا بأس به. قيل: فأين قوله: {ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه} قال: إنما ذبحت بدينك.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء في قوله: {ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه} قال: نهى عن ذبائح كانت تذبحها قريش على الأوثان، وينهى عن ذبائح المجوس.
وأخرج عبد بن حميد عن راشد بن سعد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ذبيحة المسلم حلال سمى أو لم يسم ما لم يتعمد، والصيد كذلك».
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن عروة قال: كان قوم أسلموا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فقدموا بلحم إلى المدينة يبيعونه، فتحنثت أنفس أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم منه، وقالوا: لعلهم لم يسموا. فسألوا النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «سموا أنتم وكلوا».
وأخرج البيهقي عن ابن عباس قال: إذا ذبح المسلم ونسي أن يذكر اسم الله فليأكل، فإن المسلم فيه اسم من أسماء الله.
وأخرج ابن عدي والبيهقي وضعَّفه عن أبي هريرة قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أرأيت لرجل من يذبح وينسى أن يسمي؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «اسم الله على كل مسلم».
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن طاوس قال: مع المسلم ذكر الله، فإن ذبح ونسي أن يسمي فليسم وليأكل، فإن المجوسي لو سمى الله على ذبيحته لم تؤكل.
وأخرج أبو داود والبيهقي في سننه وابن مردويه عن ابن عباس {ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه وإنه لفسق} فنسخ واستثنى من ذلك فقال: {وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم} [ المائدة: 5].
وأخرج عبد بن حميد عن عبد الله بن يزيد الخطمي قال: كلوا ذبائح المسلمين وأهل الكتاب مما ذكر اسم الله عليه.
وأخرج عبد بن حميد عن محمد بن سيرين. في الرجل يذبح وينسى أن يسمي. قال: لا يأكل.
وأخرج النحاس عن الشعبي قال: لا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «قال إبليس: يا رب كل خلقك بينت رزقه ففيم رزقي؟ قال: فيما لم يذكر اسمي عليه».
وأخرج عبد الرزاق في المصنف عن معمر قال: بلغني أن رجلاً سأل ابن عمر عن ذبيحة اليهودي والنصراني؟ فتلا عليه {أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب} [ المائدة: 5] وتلا {ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه} وتلا عليه {وما أهلَّ به لغير الله} [ البقرة: 173] قال: فجعل الرجل يردد عليه فقال ابن عمر: لعن الله اليهود والنصارى وكفرة الأعراب فان هذا وأصحابه يسألوني، فإذا لم أوافقهم انشأوا يخاصموني.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مكحول قال: أنزل الله في القرآن {ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه} ثم نسخها الرب عز وجل ورحم المسلمين {اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم} [ المائدة: 5] فنسخها بذلك وأحل طعام أهل الكتاب.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله: {وإن أطعتموهم} يعني في أكل الميتة استحلالاً {إنكم لمشركون} مثلهم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الشعبي أنه سئل عن قوله: {وإن أطعتموهم إنكم لمشركون} فقيل تزعم الخوارج إنها في الأمراء؟ قال: كذبوا إنما أنزلت هذه الآية في المشركين، كانوا يخاصمون أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقولون: أما ما قتل الله فلا تأكلوا منه يعني الميتة وأما ما قلتم أنتم فتأكلون منه. فأنزل الله: {ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه} إلى قوله: {إنكم لمشركون} قال: لئن أكلتم الميتة وأطعتموهم إنكم لمشركون.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عمر أنه قيل له: أن المختار يزعم أنه يوحى إليه قال: صدق {وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي زميل قال: كنت قاعداً عند ابن عباس وحج المختار بن أبي عبيد، فجاء رجل فقال: يا أبا عباس زعم أبو إسحاق أنه أوحي إليه الليلة؟ فقال ابن عباس: صدق. فنفرت وقلت: يقول ابن عباس صدق... ! فقال ابن عباس: هما وحيان، وحي الله ووحي الشيطان، فَوَحَى الله إلى محمد وَوَحَى الشيطانُ إلى أوليائه، ثم قرأ {وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم}.

.تفسير الآية رقم (122):

{أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (122)}
أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس {أو من كان ميتاً فأحييناه} قال: كان كافراً ضالاً فهديناه {وجعلنا له نوراً} هو القرآن {كمن مثله في الظلمات} الكفر والظلالة.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله: {أو من كان ميتاً} قال: ضالاً {فأحييناه} فهديناه {وجعلنا له نوراً يمشي به في الناس} قال: هدى {كمن مثله في الظلمات} قال: في الضلالة أبداً.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن عكرمة في قوله: {أومن كان ميتاً فأحييناه وجعلنا له نوراً يمشي به في الناس} قال: نزلت في عمار بن ياسر.
وأخرج أبو الشيخ وابن مردويه عن ابن عباس في قوله: {أومن كان ميتاً فأحييناه وجعلنا له نوراً يمشي به في الناس} قال: عمر بن الخطاب {كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها} يعني أبا جهل بن هشام.
وأخرج ابن المنذر وابي أبي حاتم وأبو الشيخ عن زيد بن أسلم في قوله: {أومن كان ميتاً فأحييناه وجعلنا له نوراً يمشي به الناس كمن مثله في الظلمات} قال: أنزلت في عمر بن الخطاب وأبي جهل بن هشام، كانا ميتين في ضلالتهما فأحيا الله عمر بالإِسلام وأعزه وأقر أبا جهل في ضلالته وموته، وذلك أن رسول الله صلى عليه وسلم دعا فقال: «اللهم أعز الإِسلام بأبي جهل بن هشام أو بعمر بن الخطاب».
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله: {أومن كان ميتاً فأحييناه} قال: عمر بن الخطاب رضي الله عنه {كمن مثله في الظلمات} قال: أبو جهل بن هشام.
وأخرج أبو الشيخ عن أبي سنان {أومن كان ميتاً فأحييناه} قال: نزلت في عمر بن الخطاب.
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في قوله: {أومن كان ميتاً فأحييناه وجعلنا له نوراً يمشي به في الناس} قال: هذا المؤمن معه من الله بينة، وبها يعمل وبها يأخذ وإليها ينتهي وهو كتاب الله {كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها} قال: مثل الكافر في ضلالته متحير فيها متسكع فيها لا يجد منها مخرجاً ولا منفذاً.
وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس {وجعلنا له نوراً يمشي به في الناس} قال: القرآن.